مدونة رسالي .. للأدب و الفن الرسالي

المونودراما ” مسرحية الممثل الواحد “

08 سبتمبر, 2013
___________636418833

المونودراما ” مسرحية الممثل الواحد “

المونودراما فن من الفنون الدرامية وهو من الأشكال المسرح التجريبي التي تطورت وأتسعت رقعتها خلال القرن العشرين  والقائمة على ممثل واحد يسرد الحدث عن طريق الحوار ، يتم تعريف المونودراما على أنها ” خطبة أو مشهد مطول يتحدث خلاله شخص واحد، وهو نص مسرحي أو سينمائي لممثل واحد ، وهو المسئول عن إيصال رسالة المسرحية ودلالاتها جنباً إلى جنب عناصر المسرحية الأخرى .

كذلك لها تعريف آخر وهو “أن المونودراما هي مسرحية يقوم بتمثيلها ممثل واحد يكون الوحيد الذي له حق الكلام على خشبة المسرح، فقد يستعين النص المونودرامي في بعض الأحيان بعدد من الممثلين، ولكن عليهم أن يظلوا صامتين طول العرض و إلا انتفت صفة “المونو” – كلمة يونانية الأصل mono ” بمعنى واحد- عن الدراما”.

نشأتها :

يعتبر الكثيرون أن أصل هذا النوع يعود إلى ما قدمه الممثل والكاتب المسرحي الألماني “جوهان كريستيانابراندز” عام 1775-1780. لكنه لم يلقى رواجا كبيرا لأنه لا يعد حوارا ثنائيا، ويعود أوَّل نص مسرحي يصنف كمونودراما مكتملة الشروط الفنية إلى الفيلسوف والمفكر الفرنسي جان جاك روسو وكان ذلك عام 1760م، وهو نصه (بجماليون) ، ولكن أول من أطلق مسمى مونودراما على نصه (مود Maud)كان الشاعر ألفريد تينيسون Alfred Lord Tennyson في العام 1855م. لاحقاً، بدأت نصوص المونودراما تتكاثر ويرتفع لها الصوت، فكتب تشيخوف نصه الشهير (مضار التبغ) ووصفه بالمونولوج في فصل واحد، وكتب الفرنسي جان كوكتو نصه (الصوت الإنساني)، وكتب يوجين أونيل نصاً مونودرامياً بعنوان (قبل الإفطار)، بينما كتب صموئيل بيكيت (شريط كراب الأخير) والذي اعتنى بالمونودراما ووجدها أنسب الأشكال المسرحية للتعبير عن العبثية والتي تقوم على عزلة الفرد واستحالة التواصل الاجتماعي.
برز هذا الشكل المسرحي وأزدهر في العصر الحديث خاصة بعد نشوب الحرب العالمية الثانية، هذا يعود إلى ظهور المدرسة النفسية بريادة سيجموند فرويد ومن تلاه، ساهمت في ترسيخ فن المونودراما، بالتركيز على الأمراض الشخصية والعصبية والنفسية للإنسان، وبالتالي انعكس هذا على خشبة المسرح، حيث يأخذ الفنان المسرحي مادته من الحياة ليضعها في نهاية الأمر بأمراضها وانفصامها ووحدانيتها على خشبة خالية تبحث عن مخلص، أو من يستمع إليها.

الملامح الفنية و الفكرية للمونودراما :

• من أهم السمات المميزة لهذا الشكل هي الفردية و التركيز المنصب على الفرد، فبداية من تواجده وحده على خشبة المسرح مواجها الجمهور ، يسرد حوارا أو حتى يؤدى أداء صامت لكنه ملزم بملأ المسرح و اقناع الجمهور بما يقدم .
• الملمح الثاني هو العزلة فمن الحوار الاحادى إلى عزلة فهو وحده على خشبة تكاد تبتلعه بداخلها ، فالأمر يصبح شخصى و ذاتى مع هذه النفس القائمة على خشبة المسرح . فكل ما يحدث من جانب واحد لا أكثر .
• عدم القدرة على الفعل لأنه قائم من جانب واحد ، يجعل التركيز أما على الماضى بما يرويه من حدث و إيضا الحلم فما يريد أن يفعل .
• الصراع النفسى من أهم سمات المونودراما لأن الحدث المتصاعد يكون من خلال فرد واحد يجادل ذاته و بهذا فالصراع داخلى نفسى .
• الاهتمام بالخلاص الفردى على الخلاص الجماعى ، لهذا تغرق في الذات متناسية المحيط الواقعى .
• تفتقر المونودراما للحس النقدى ، فهي في الأغلب تعرض هم الفرد دون الالتفاف للمجتمع و حينما تنظر للمجتمع تراه من منظور ذاتى .

المونودراما و المونولوج :

يختلف المونولوج عن المونودراما ، فالأخيرة هي حديث مطول لفرد واحد قائم عليه العمل ككل و هو محوره ، أما المونولوج ” المناجاة ” و هو حديث من المفترض أنه داخل الشخصية ، يلقيه وحدها داخل المسرحية و مع الشخصيات الأخرى ،  و بهذا فأن المونودراما هي شكل مسرحى مستقل أما المونولوج فهو جزء من المسرحية.

عقبات تواجهها المونودراما :

المونودراما فن يقدم للجمهور من خلال فرد واحد و كذلك موضوعاته ذاتية و مأساوية ، هذه السمات لا تروق الكثيرين لهذا فرغم الولع بهذا الشكل المسرحى إلا أنه لا يزال بعيد عن الأذهان .إلى جانب معارضه بعض المسرحيين لها مثل بيتر بروك حيث إذ يرى “أن المونودراما تفقد المسرح الكثير من ألقه ووهجه الخاص, لأنها تعتمد الممثل الواحد الذي ينبني عليه العرض بأكمله, فلا تفاعل بين ممثل أول وممثل ثان ضمن ثنائية الأخذ والرد، التي تؤسس لفعل درامي حقيقي على الخشبة” ، و يصطلح عليها بالوحدانية.
الاشكالية الثانية هي أشكالية التلقى فمع شيوع هذا النوع من الفن وتملكه لمساحة من الاهتمام من قبل المسرحيين والمسئولين عن المسرح حول العالم، إلا أنه يواجه إشكالية حقيقية، وهي إشكالية التلقي، فالجمهور هو الحكم الأول لأي عرض مسرحي، وهو الذي يقرر نجاحه من فشله من خلال استجابته وتلقيه لهذا العرض، لذا تلقى المونودراما نفوراً من جمهور المسرح، وتبدو أكثر نخبوية، يتابعها الخاصة، إلا ما ندر من تجارب مونودرامية تمسكت بالجماهيرية بتناولها لقضايا تهم الجمهور ولكنها لا تتنازل عن القيمة ، فيمكن أن يكون بالنسبة للجمهور موضوع ليس ذي أهمية، أو نص لا يحمل مقومات الجمال، نص لا يحمل سحر نص المونودراما وفرادته، ونص ذي حوار سردي مترهل لا حيوية فيه.

القراءات :9576

إضافة تعليق

احدث التدوينات

الأرشيف
بحث عن :
شبكاتي الاجتماعية
Untitled 1



 

                                                                    
                             مدونة رسالي - محمد شاكر جراغ © كافة الحقوق محفوظة 2010-2013 
                                                                 www.jaraq.net